لتحميل الكتاب ياسر اضغط هنا
يعتبره الفلسطينيون والعرب وأحرار العالم رمزًا شامخا للنضال الوطني والثورة العالمية. تماما كما اعتبر الفرنسيون شارل ديغول رمز كفاحهم ، وكما اعتبر مواطنو جنوب إفريقيا نلسون مانديلا رمزا لتحررهم، وكما اعتبر الهنود المهاتما غاندي رمزا لمقاومتهم السلمية ثم استقلالهم.
خاض نضالا وجهادا لا يلين طوال أكثر من 40 عاما على مختلف الجبهات، مقاتلا على جبهة الأعداء من أجل تحرير فلسطين، وعلى جبهة الأصدقاء سار بين الأشواك متجنبا الألغام في ظل السياسات والمصالح العربية و الإقليمية والعالمية المتناقضة، وبشكل كرس فيه الكيانية الفلسطينية والاستقلالية من خلال فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية.
عاش ثورة بساط الريح متنقلا بين العواصم والدول. ومارس الكفاح المسلح وحرب الشعب طويلة الأمد، و الدبلوماسية والعمل السياسي والإعلامي، وكرس في حركة فتح والثورة الفلسطينية فكر الوسطية والمرحلية والواقعية والرؤية الصائبة.
قيل فيه الكثير وسيقال، ولكن تبقى حقيقته الأساسية واضحة لأبناء شعبه وللعالم أجمع: فلقد ظل عرفات وفياً للثوابت التي آمن بها، كقضايا القدس واللاجئين وإقامة الدولة المستقلة ذات السيادة، وكان مرناً جدا في كل شيء إلا في تلك الثوابت.
توفي في باريس ودفن في رام الله تمهيدا لنقله إلى مسقط رأسه في القدس.
المواليد ونشأه
هو محمد ياسر "اسم مركب" عبد الرؤوف داود عرفات القدوة الحسيني، ولد في اليوم الثاني لثورة البراق في 4/8/1929 في مدينة القدس.
توفيت والدته التي ربطتها صلة القرابة بمفتي القدس سابقـًا، الحاج أمين الحسيني، حين كان في الرابعة من عمره، وتوفي والده الذي تميز بالإيمان والصرامة عام 1954.
عرفات القائد الطلابي
إنضم للجامعة عام1947- 1948 إلا أن تكرار انقطاعه عن الدراسة سبب انشغاله في العمل الوطني بين التدريب والتسليح والتعبئة والقتال أثرت على مدة دراسته، فقد قطع دراسته الجامعية في السنة الأولى ليلتحق بجيش الجهاد المقدس بقيادة عبد القادر الحسيني، وبعد هزيمة الجيوش العربية إثر (النكبة) عاد لدراسته، واشتعلت في رأسه منذ ذلك الحين راية النضال والاعتماد على الذات في تحول نهائي في حياته.
انضم عرفات إلى رابطة الطلبة الفلسطينيين - في جامعة فؤاد الأول( القاهرة) - التي تولى رئاستها بجدارة بين الأعوام 1952- 1956 أثناء دراسته للهندسة المدنية لأربع دورات متتالية وذلك لحركيته الكبيرة وشخصيته الجذابة وخدمته للطلاب، وقدرته على كسب دعم كافة الأطراف من القوميين والليبراليين وعدد من الإخوان المسلمين.
ولم ينتم لأي حزب سياسي من الأحزاب القائمة حينذاك رغم انتماء عدد من أصدقائه لجماعة الإخوان المسلمين مثل صلاح خلف (أبو إياد) وسليم الزعنون وغيرهما. بعد تخرجه أسس رابطة الخريجين الفلسطينيين.
وفي 21/8/1968خاضت طلائع حركة فتح بالاشتراك مع قوة من الجيش العربي الأردني معركة مباشرة مع الجيش الإسرائيلي وهي معركة الكرامة المجيدة التي انتهت بنصر كبير أدى لاندحار القوات الإسرائيلية بعد تكبدها خسائر كبيرة في الأرواح و في المركبات العسكرية والدبابات الإسرائيلية، وكانت نتيجة المعركة نصرا خالدا أدى إلى صعود نجم حركة فتح وانضمام الآلاف لصفوفها، وساهمت الكرامة في فتح أفق العلاقات العربية والدولية حيث بدأت السعودية ترسل شحنات الأسلحة للفدائيين منذ ربيع عام 1969، وانفتح أفق العلاقات مع المعسكر الاشتراكي عبر العلاقة مع الاتحاد السوفيتي (السابق).
نحو منظمة التحرير الفلسطينية
أسس الفلسطينيون بقيادة أحمد الشقيري منظمة التحرير الفلسطينية عبر انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني الأول في 28 أيار 1964 وإثر مساعي جمال عبد الناصر وقرار القمة العربية إنشاء كيان للفلسطينيين، وحينها عرضت فتح على الشقيري التعاون إلا أنه رفض مما أوقعه لاحقا في أزمات أدت لاستقالته.
في العام 14/4/1968 اختير ياسر عرفات ناطقاً رسميا باسم حركة (فتح) متقدما على زملائه من المؤسسين وليبزغ نجمه عالميا، وفي 4/2/1969 انتخب رئيسًا لمنظمة التحرير الفلسطينية خلفا ليحيى حمودة، وذلك في الدورة الخامسة للمجلس الوطني الفلسطيني وكان قد أدخل في الدورة التي سبقتها التعديلات على الميثاق القومي ليصبح الميثاق الوطني الذي يتمسك بحرب الشعب، ومنذ ذلك الوقت تبنت فتح شعار الدولة الديمقراطية لكافة الأديان والطوائف في فلسطين.
مسيرة التسوية (مدريد، اوسلو، واشنطن)
بعد انتهاء حرب الخليج ظهر إجماع دولي على ضرورة العمل من أجل تسوية القضية الفلسطينية دعماً للاستقرار في الشرق الأوسط، ولدفع عملية السلام أعلن عرفات أوائل عام 1990 أنه يجري اتصالات سرية مع القادة الإسرائيليين بهذا الخصوص.
وفي عام 1991عقد مؤتمر السلام في مدريد تحت رعاية الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق.
وفي 13 أيلول 1993 بعد ستة أشهر من المفاوضات السرية في اوسلو، وقّع عرفات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحق رابين، في واشنطن، اتفاق أوسلو الذي جعل أضواء الإعلام الغربي تسلط عليه بكثافة، كما كان نقطة تحول بارزة في القضية الفلسطينية. وقد وقع الطرفان على "إعلان مبادئ"، هو عبارة عن اتفاق سمح للفلسطينيين بممارسة الحكم الذاتي في قطاع غزة ومدينة أريحا بالضفة الغربية مقابل اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل. لكنها لم تحسم عدة قضايا شائكة وأبرزها مستقبل المستوطنات المقامة على الأراضي المحتلة، ومستقبل اللاجئين الفلسطينيين الذين أجبروا على ترك مدنهم وقراهم بعد حرب عام 1948، والوضع النهائي لمدينة القدس.
عرفات في غزه
سلام الشجعان
وفي 1 تموز 1994 خرجت غزة عن بكرة أبيها لاستقبال عرفات والعائدين معه من كوادر فتح والثورة الفلسطينية بحفاوة كبرى، بعد 27 عاماً قضاها في المنفى، واتخذ عرفات من غزة مقراً لقيادته. وقد بدأ عرفات فور عودته إلى غزة، مسيرة سلام مرت بعقبات كبيرة. وفي نفس السنة فاز بجائزة نوبل للسلام بالمشاركة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي (إسحق رابين و(شمعون بيريز).
وفي عام 1995 وقع عرفات و(رابين) في واشنطن على اتفاقية الوضع المؤقت التي مهدت الطريق لإعادة انتشار القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية. وقد اغتيل رابين اثر ذلك، في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 1995، بأيدي متطرف إسرائيلي، وهو ما شكّل انتكاسة لعملية السلام. وواجه عرفات تحدياً ضخماً تمثل في السعي للحفاظ على التزام الفلسطينيين والإسرائيليين بما أطلق عليه "سلام الشجعان".
شرع عرفات لدى وصوله إلى غزة، في تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية وأجهزتها الأمنية المختلفة، وعمل على إعادة تأهيل المؤسسات وبناء الوزارات ومؤسسات جديدة، وتدريب أفراد الشرطة والجيش للحفاظ على الأمن والاستقرار، مبشرا شعبه بقرب تحقيق حلم التحرير وإقامة الدولة والصلاة في المسجد الأقصى.
من كامب د يفد
الى الأنتفاضة الثانيه
شهد منتجع كامب ديفيد في 25 تموز / يوليو 2000 قمة ثلاثية جمعت ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي (إيهود باراك) والرئيس الأمريكي السابق (بيل كلينتون) وفيها وصلت عملية السلام إلى طريقها المسدود، حيث رفض أبو عمار تقديم تنازلات لإسرائيل في قضايا تتعلق بالوضع النهائي للأراضي الفلسطينية ومن بينها القدس، مما زاد اشتعال أوار المحبة له في قلوب الجماهير، تلك التي أثناء حصاره منذ عام 2002 ، خرجت بالآلاف في رام الله وكل فلسطين تطالب بفك حصاره الظالم.
وبحلول عام ألفين توقفت تماماً عملية السلام، واشتعلت انتفاضة الأقصى المباركة في 29 أيلول، بعد الزيارة الاستفزازية التي قام بها زعيم المعارضة الإسرائيلية في ذلك الحين (أريئيل شارون) الحرم القدسي، اثر ذلك استقالت حكومة (براك) في إسرائيل، وتولى السلطة (اريئيل شارون)، زعيم اليمين المتطرف الذي عمل منذ توليه لمنصبه على تنفيذ مخططه الهادف إلى تدمير السلطة الوطنية الفلسطينية وتدمير إمكانية إقامة دولة فلسطينية، استكمالا لما قام به في لبنان عام 1982.
في 3 كانون الأول 2001، قامت الحكومة الإسرائيلية بقيادة شارون، كاره عرفات القديم واللدود، بفرض حصار عسكري عليه داخل مقره بمدينة رام الله بالضفة الغربية، بمساندة أمريكية، فكان أن حظي عرفات مرة تلو الأخرى بتعاطف كبير من جانب الشارع الفلسطيني في مواجهة الأصوات الإسرائيلية المتعالية والمطالبة بطرده أو تصفيته، فعاد الرمز الفلسطيني كطائر الفينيق مرة أخرى للواجهة الدولية بقوة.
وفي 29 آذار 2002 غداة عملية استشهادية نفذتها المقاومة الفلسطينية، وختام القمة العربية في بيروت التي حُرم عرفات من حضورها، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي أوسع هجوم له في الضفة الغربية منذ حزيران 1967 ودمر الجزء الأكبر من مقر عرفات في مدينة رام الله (المقاطعة) الذي بقي في المبنى الذي يضم مكاتبه تطوقه الدبابات الإسرائيلية. وقد بقي على هذا الحال حتى ليلة الثاني من أيار حين رفع جيش الاحتلال الإسرائيلي الحصار عنه.
في 11/9/2003 اتخذت الحكومة الإسرائيلية قراراً بإبعاد الرئيس ياسر عرفات عن أرض الوطن. ولم تنفذ إسرائيل هذا القرار فعليا، إلا أنها لوحت به بعد كل عملية استشهادية.
وكان رد فعل عرفات على الاقتحام الإسرائيلي والحصار التالي له صرخته الشهيرة (على القدس رايحين شهداء بالملايين) و (يريدوني أسيرا أو طريدا أو قتيلا وأنا أقول لهم شهيدا شهيدا).
وخلال هذه الفترة اتفقت إسرائيل والولايات المتحدة على عزل الرئيس عرفات واعتباره "غير ذي صلة دون جدو
يعتبره الفلسطينيون والعرب وأحرار العالم رمزًا شامخا للنضال الوطني والثورة العالمية. تماما كما اعتبر الفرنسيون شارل ديغول رمز كفاحهم ، وكما اعتبر مواطنو جنوب إفريقيا نلسون مانديلا رمزا لتحررهم، وكما اعتبر الهنود المهاتما غاندي رمزا لمقاومتهم السلمية ثم استقلالهم.
خاض نضالا وجهادا لا يلين طوال أكثر من 40 عاما على مختلف الجبهات، مقاتلا على جبهة الأعداء من أجل تحرير فلسطين، وعلى جبهة الأصدقاء سار بين الأشواك متجنبا الألغام في ظل السياسات والمصالح العربية و الإقليمية والعالمية المتناقضة، وبشكل كرس فيه الكيانية الفلسطينية والاستقلالية من خلال فتح ومنظمة التحرير الفلسطينية.
عاش ثورة بساط الريح متنقلا بين العواصم والدول. ومارس الكفاح المسلح وحرب الشعب طويلة الأمد، و الدبلوماسية والعمل السياسي والإعلامي، وكرس في حركة فتح والثورة الفلسطينية فكر الوسطية والمرحلية والواقعية والرؤية الصائبة.
قيل فيه الكثير وسيقال، ولكن تبقى حقيقته الأساسية واضحة لأبناء شعبه وللعالم أجمع: فلقد ظل عرفات وفياً للثوابت التي آمن بها، كقضايا القدس واللاجئين وإقامة الدولة المستقلة ذات السيادة، وكان مرناً جدا في كل شيء إلا في تلك الثوابت.
توفي في باريس ودفن في رام الله تمهيدا لنقله إلى مسقط رأسه في القدس.
المواليد ونشأه
هو محمد ياسر "اسم مركب" عبد الرؤوف داود عرفات القدوة الحسيني، ولد في اليوم الثاني لثورة البراق في 4/8/1929 في مدينة القدس.
توفيت والدته التي ربطتها صلة القرابة بمفتي القدس سابقـًا، الحاج أمين الحسيني، حين كان في الرابعة من عمره، وتوفي والده الذي تميز بالإيمان والصرامة عام 1954.
عرفات القائد الطلابي
إنضم للجامعة عام1947- 1948 إلا أن تكرار انقطاعه عن الدراسة سبب انشغاله في العمل الوطني بين التدريب والتسليح والتعبئة والقتال أثرت على مدة دراسته، فقد قطع دراسته الجامعية في السنة الأولى ليلتحق بجيش الجهاد المقدس بقيادة عبد القادر الحسيني، وبعد هزيمة الجيوش العربية إثر (النكبة) عاد لدراسته، واشتعلت في رأسه منذ ذلك الحين راية النضال والاعتماد على الذات في تحول نهائي في حياته.
انضم عرفات إلى رابطة الطلبة الفلسطينيين - في جامعة فؤاد الأول( القاهرة) - التي تولى رئاستها بجدارة بين الأعوام 1952- 1956 أثناء دراسته للهندسة المدنية لأربع دورات متتالية وذلك لحركيته الكبيرة وشخصيته الجذابة وخدمته للطلاب، وقدرته على كسب دعم كافة الأطراف من القوميين والليبراليين وعدد من الإخوان المسلمين.
ولم ينتم لأي حزب سياسي من الأحزاب القائمة حينذاك رغم انتماء عدد من أصدقائه لجماعة الإخوان المسلمين مثل صلاح خلف (أبو إياد) وسليم الزعنون وغيرهما. بعد تخرجه أسس رابطة الخريجين الفلسطينيين.
وفي 21/8/1968خاضت طلائع حركة فتح بالاشتراك مع قوة من الجيش العربي الأردني معركة مباشرة مع الجيش الإسرائيلي وهي معركة الكرامة المجيدة التي انتهت بنصر كبير أدى لاندحار القوات الإسرائيلية بعد تكبدها خسائر كبيرة في الأرواح و في المركبات العسكرية والدبابات الإسرائيلية، وكانت نتيجة المعركة نصرا خالدا أدى إلى صعود نجم حركة فتح وانضمام الآلاف لصفوفها، وساهمت الكرامة في فتح أفق العلاقات العربية والدولية حيث بدأت السعودية ترسل شحنات الأسلحة للفدائيين منذ ربيع عام 1969، وانفتح أفق العلاقات مع المعسكر الاشتراكي عبر العلاقة مع الاتحاد السوفيتي (السابق).
نحو منظمة التحرير الفلسطينية
أسس الفلسطينيون بقيادة أحمد الشقيري منظمة التحرير الفلسطينية عبر انعقاد المجلس الوطني الفلسطيني الأول في 28 أيار 1964 وإثر مساعي جمال عبد الناصر وقرار القمة العربية إنشاء كيان للفلسطينيين، وحينها عرضت فتح على الشقيري التعاون إلا أنه رفض مما أوقعه لاحقا في أزمات أدت لاستقالته.
في العام 14/4/1968 اختير ياسر عرفات ناطقاً رسميا باسم حركة (فتح) متقدما على زملائه من المؤسسين وليبزغ نجمه عالميا، وفي 4/2/1969 انتخب رئيسًا لمنظمة التحرير الفلسطينية خلفا ليحيى حمودة، وذلك في الدورة الخامسة للمجلس الوطني الفلسطيني وكان قد أدخل في الدورة التي سبقتها التعديلات على الميثاق القومي ليصبح الميثاق الوطني الذي يتمسك بحرب الشعب، ومنذ ذلك الوقت تبنت فتح شعار الدولة الديمقراطية لكافة الأديان والطوائف في فلسطين.
مسيرة التسوية (مدريد، اوسلو، واشنطن)
بعد انتهاء حرب الخليج ظهر إجماع دولي على ضرورة العمل من أجل تسوية القضية الفلسطينية دعماً للاستقرار في الشرق الأوسط، ولدفع عملية السلام أعلن عرفات أوائل عام 1990 أنه يجري اتصالات سرية مع القادة الإسرائيليين بهذا الخصوص.
وفي عام 1991عقد مؤتمر السلام في مدريد تحت رعاية الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي السابق.
وفي 13 أيلول 1993 بعد ستة أشهر من المفاوضات السرية في اوسلو، وقّع عرفات مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحق رابين، في واشنطن، اتفاق أوسلو الذي جعل أضواء الإعلام الغربي تسلط عليه بكثافة، كما كان نقطة تحول بارزة في القضية الفلسطينية. وقد وقع الطرفان على "إعلان مبادئ"، هو عبارة عن اتفاق سمح للفلسطينيين بممارسة الحكم الذاتي في قطاع غزة ومدينة أريحا بالضفة الغربية مقابل اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بإسرائيل. لكنها لم تحسم عدة قضايا شائكة وأبرزها مستقبل المستوطنات المقامة على الأراضي المحتلة، ومستقبل اللاجئين الفلسطينيين الذين أجبروا على ترك مدنهم وقراهم بعد حرب عام 1948، والوضع النهائي لمدينة القدس.
عرفات في غزه
سلام الشجعان
وفي 1 تموز 1994 خرجت غزة عن بكرة أبيها لاستقبال عرفات والعائدين معه من كوادر فتح والثورة الفلسطينية بحفاوة كبرى، بعد 27 عاماً قضاها في المنفى، واتخذ عرفات من غزة مقراً لقيادته. وقد بدأ عرفات فور عودته إلى غزة، مسيرة سلام مرت بعقبات كبيرة. وفي نفس السنة فاز بجائزة نوبل للسلام بالمشاركة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي (إسحق رابين و(شمعون بيريز).
وفي عام 1995 وقع عرفات و(رابين) في واشنطن على اتفاقية الوضع المؤقت التي مهدت الطريق لإعادة انتشار القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية. وقد اغتيل رابين اثر ذلك، في نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 1995، بأيدي متطرف إسرائيلي، وهو ما شكّل انتكاسة لعملية السلام. وواجه عرفات تحدياً ضخماً تمثل في السعي للحفاظ على التزام الفلسطينيين والإسرائيليين بما أطلق عليه "سلام الشجعان".
شرع عرفات لدى وصوله إلى غزة، في تأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية وأجهزتها الأمنية المختلفة، وعمل على إعادة تأهيل المؤسسات وبناء الوزارات ومؤسسات جديدة، وتدريب أفراد الشرطة والجيش للحفاظ على الأمن والاستقرار، مبشرا شعبه بقرب تحقيق حلم التحرير وإقامة الدولة والصلاة في المسجد الأقصى.
من كامب د يفد
الى الأنتفاضة الثانيه
شهد منتجع كامب ديفيد في 25 تموز / يوليو 2000 قمة ثلاثية جمعت ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلي (إيهود باراك) والرئيس الأمريكي السابق (بيل كلينتون) وفيها وصلت عملية السلام إلى طريقها المسدود، حيث رفض أبو عمار تقديم تنازلات لإسرائيل في قضايا تتعلق بالوضع النهائي للأراضي الفلسطينية ومن بينها القدس، مما زاد اشتعال أوار المحبة له في قلوب الجماهير، تلك التي أثناء حصاره منذ عام 2002 ، خرجت بالآلاف في رام الله وكل فلسطين تطالب بفك حصاره الظالم.
وبحلول عام ألفين توقفت تماماً عملية السلام، واشتعلت انتفاضة الأقصى المباركة في 29 أيلول، بعد الزيارة الاستفزازية التي قام بها زعيم المعارضة الإسرائيلية في ذلك الحين (أريئيل شارون) الحرم القدسي، اثر ذلك استقالت حكومة (براك) في إسرائيل، وتولى السلطة (اريئيل شارون)، زعيم اليمين المتطرف الذي عمل منذ توليه لمنصبه على تنفيذ مخططه الهادف إلى تدمير السلطة الوطنية الفلسطينية وتدمير إمكانية إقامة دولة فلسطينية، استكمالا لما قام به في لبنان عام 1982.
في 3 كانون الأول 2001، قامت الحكومة الإسرائيلية بقيادة شارون، كاره عرفات القديم واللدود، بفرض حصار عسكري عليه داخل مقره بمدينة رام الله بالضفة الغربية، بمساندة أمريكية، فكان أن حظي عرفات مرة تلو الأخرى بتعاطف كبير من جانب الشارع الفلسطيني في مواجهة الأصوات الإسرائيلية المتعالية والمطالبة بطرده أو تصفيته، فعاد الرمز الفلسطيني كطائر الفينيق مرة أخرى للواجهة الدولية بقوة.
وفي 29 آذار 2002 غداة عملية استشهادية نفذتها المقاومة الفلسطينية، وختام القمة العربية في بيروت التي حُرم عرفات من حضورها، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي أوسع هجوم له في الضفة الغربية منذ حزيران 1967 ودمر الجزء الأكبر من مقر عرفات في مدينة رام الله (المقاطعة) الذي بقي في المبنى الذي يضم مكاتبه تطوقه الدبابات الإسرائيلية. وقد بقي على هذا الحال حتى ليلة الثاني من أيار حين رفع جيش الاحتلال الإسرائيلي الحصار عنه.
في 11/9/2003 اتخذت الحكومة الإسرائيلية قراراً بإبعاد الرئيس ياسر عرفات عن أرض الوطن. ولم تنفذ إسرائيل هذا القرار فعليا، إلا أنها لوحت به بعد كل عملية استشهادية.
وكان رد فعل عرفات على الاقتحام الإسرائيلي والحصار التالي له صرخته الشهيرة (على القدس رايحين شهداء بالملايين) و (يريدوني أسيرا أو طريدا أو قتيلا وأنا أقول لهم شهيدا شهيدا).
وخلال هذه الفترة اتفقت إسرائيل والولايات المتحدة على عزل الرئيس عرفات واعتباره "غير ذي صلة دون جدو