الشهيد مصعب محمود البرادعيمولود جديد
كانت غزة في التاسع والعشرين من شهر أغسطس من العالم ألف وتسعمائة وثلاثة وثمانين على موعد مع ميلاد طفل جديد لا يعرف الخضوع أو الخذلان، إنما يعرف العزة والإقدام، إنه الشهيد القسامي المجاهد مصعب محمود البرادعي والذي نشأ وترعرع في منطقة تل الهوا بأحضان عائلة متدينة وبين عشرة من الإخوة، يتربى على حب وطنه ودينه ومعاني الرجولة والشجاعة.
درس شهيدنا محمد في مدرسة الزيتون المشتركة الابتدائية وتابع دراسته الإعدادية في مدرسة الزيتون والثانوية من مدرسة الكرمل التي نشط فيها وفي عملها الدعوي، ليزداد مصعب صلابة ورجولة. [b]
[b]من صفات الشهيد
وهنا تحدثنا والدة الشهيد مصعب عن صفاته قائلة: "تميز مصعب بالهدوء الذي يخفي خلفه نيران الغضب على الاحتلال، وحرقة على الدعوة، كذلك الإخلاص في العمل ليكون كل فعل يقوم به لوجه الله تعالى، فكان محبوباً لأبناء جيله وأصحابه، حيي السمت، يحب الجميع، يساعد كل فرد بحاجة للمساعدة وباستطاعته ذلك، إلى جانب تواضعه، على درجة عالية من الذكاء والفطنة، شجاع وقوي وذو نفسٍ طيبة جداً، يقبل بما هو موجود سواء كان في الطعام أو الشراب أو اللباس وكل ما يتعلق بالدنيا".
وتضيف: "لقد كان مصلحاً بين الآخرين، حنون جداً، يسعى لإرضائي في كل شيء، وفي أحد الأعياد ذهب واشترى لي ملابس للعيد، فقلت له اشتري لنفسك ، فرد عليّ دائما لن ترتدي إلا الجديد فأنت ما زلت شباب وأجمل من الجميع، رحمه الله" وتتساقط الدموع رغما عنها.
أما صديقه فيقول: "كل صفة حميدة موجودة فيه، فقد كان غيورا جدا على الإسلام ورفع راية الحق، وكان محافظا على صلواته خاصة الفجر في المسجد، رغم بعد منزلهم عن المسجد حتى في أيام الخطر فيخرج إلى المسجد ويصلي الفجر وعندما كان يأتي إلى الرباط كنا نخاف عليه من الوحدات الخاصة اكتشاف أمره، لقرب مكان سكناهم من مغتصبة نيتساريم".
العمل الجهادي
رفض شهيدنا مصعب الوجود الصهيوني الذي يراه صباح مساء من شرفة منزلهم المطلة على مغتصبة "نيتساريم"، فسعى شهيدنا للالتحاق بالجهاز العسكري كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" في العام 2002، حيث أنه توجه إلى القائد القسامي طراد الجمال رحمه الله وطلب منه الالتحاق بكتائب القسام، وبعد سعي حثيث ومطالبة دائمة تم الحاقه وضمه إلى صفوف مجاهدي القسام، ليلتحق بدورة تأهيلية يتعلم فيها أساسيات العمل العسكري، ومن ثم حصل على دورة مبتدئة أتمها بنجاح وبعدها عمل في وحدة المرابطين على ثغور الوطن، يحرسها وهو مستعد لأي مواجهة مع العدو الصهيوني، بالإضافة لزرع العبوات الناسفة لهذا المحتل الغاصب.
ولشدة الأحداث الميدانية على الساحة الفلسطينية لم يتمكن شهيدنا من الحصول على دورات أخرى حيث أنها توقفت لفترة، إلا أن ذلك لم يدعه يركن إلى ما تعرف عليه فقط، بل دفعه حبه للجهاد ومقاتلة العدو الصهيوني ومقارعته في عقره رغم تحصيناته الشديدة للتوجه إلى القيادات العسكرية في الساحة الميدانية يشاركهم مهماتهم الجهادية وعملياتهم الفدائية والتي من خلالها كان يحصل على الخبرة العملية للكثير من المهمات الجهادية.
ويوضح "أبو خليل" أحد إخوانه الذين رافقوه في العمل العسكري "كنا نعجب من قوته وشجاعته الفذة على خوض المخاطر بكل سهولة، فإذا ما طرحت أي مهمة جهادية بالقرب من مغتصبة (نيتساريم) تجده يقف ويقول أنا لها ويصر على الخروج فيها معللاً سبب إصراره أنه أكثر معرفة من غيره بما حول المغتصبة وداخلها لقربها من منزلهم، وكل ذلك بتوفيق من الله عز وجل".
ويضيف: "كان دائما يحدثنا عن الجنة وحبه لها وكرهه لهذه الدنيا والتي يصفها باللاهية للناس بملذاتها الزائلة عن عبادة الله، وكثيرا ما نحس فيه الإخلاص في العمل لله عز وجل"، ويبتسم ثم يقول: "أتت مجموعة من الأسلحة للمجاهدين وكان عددها قليل وأردت أخذ واحدة، فرفض القائد وقال هذه لمصعب أوصى بها الشيخ أحمد ياسين له، فأخذنا نمازحه ونقول ناس واصلة وموصى عليها".
وقد عمل شهيدنا في جهاز الرصد التابع لكتائب القسام قبل التحاقه بالجهاز العسكري، حيث أن بناءهم السكني المرتفع وطبيعة المنطقة السكنية التي كان يقطنها والقريبة من مغتصبة (نيتساريم) كانت تساعده كثيرا في رصد تحركات العدو الصهيوني داخل المغتصبة وخارجها، واستمر في هذه المهمة حتى استشهاده، فإذا ما لاحظ أي تحرك يبلغ إخوانه المجاهدين ليسعدوا للمواجهة، رحمك الله أيها الشاب الشجاعة المقدام.
وشارك شهيدنا البطل مصعب في الكثير من المهمات الجهادية والتي من بينها صد توغلات العدو الصهيوني واجتياحاته المتكررة على منطقتي تل الهوا والزيتون وغيرها من المناطق الفلسطينية في قطاع غزة فيستهدف الدبابات الصهيونية بالعبوات الموجهة والجانبية وقذائف الآر بي جى الصاروخية، فضلاً عن ذلك مشاركاته المتعددة في إطلاق قذائف الهاون وصواريخ القسام على المغتصبات الصهيونية.
نال ما سعى إليه
[size=24]استيقظ شهدينا في التاسع والعشرين من شهر سبتمبر من العام ألفين وأربعة، وكأنه على موعد مع الشهادة رغم أنه مازال عريساً والأقارب والأحباب تأتي لتبارك له زفافه، حيث أن إخوانه المجاهدين اتصلوا به وأبلغوه أنهم خارجين لصد العدوان الصهيوني الغاشم على بلدة جباليا فخرج مسرعاً ليشتبك مع جنود الاحتلال ويقارعهم للعدو، حتى كانت الصواريخ الحاقدة على كل ما هو فلسطيني _فكيف سيكون حقدها على مجاهد يرفض وجودها ويأبى إلا إخراجها من أرضه وتحرير مقدساته_ من طائرة استطلاع أصابت شهيدنا إصابة مباشرة أدت إلى استشهاده في تلك المعركة العظيم "أيام الغضب".
رحمك الله أيها البطل الصنديد .. صدقت الله فصدقك الله
[/b][/b]
[/b][/b]
