من حكايات التراث الشعبي الفلسطيني
طلب شاب من أبيه شيخ القبيلة أن يعلمه الرجولة ، فقال له : اذهب يا ولدي بين القبائل وخالط الرجال ؛ لتتعلم عندهم وعلى أيديهم الرجولة ، ذهب الشاب إلى القبائل واختلط بالرجال ، ولكنه لم يفهم المعنى الذي قصده والده الشيخ ، فالتحق بقبيلة تشتهر بقطع الطرق على المارة والقوافل التجارية ، وقوافل الحج لبيت الله الحرام ، كما وجدها تشتهر بكل أنواع الفساد ، من قتل وتخريب وبطش إفساد ، تعلم الشاب أفعالهم ، وأصبح شريكا لهم في جرائمهم ، وفي عنفوان أعمال الشاب ، وجبروته وإفساده في الأرض ، قابله رجل من تلك القبيلة سيئة الذكر ؛ فقال له : ألست أنت ابن الشيخ فلان ؟
قال بلى .
قال له : إن أباك شيخ عشيرة مشهود له بالكرامة والشرف والإباء ، فكيف جئت إلى هنا ؟ ومن الذي سمح لك بذلك ؟ .
قال الشاب : أرسلني أبي لكي أتعلم الرجولة .
قال له : عُد إلى أبيك وأخبره بأن الصغير صغير وإن كبر، والكبير كبير وإن صغر .
عاد الشاب إلى مضارب عشيرته ، وأخبر والده بذلك .
جمع شيخ القبيلة عشيرته وقال لهم : إن ابني هذا يريد أن يتعلم الرجولة ، وقد سافر إلى القبائل ، وعاش بين الناس واختلط بالرجال ، وإني أريد أن أسأله سؤالا واحدا ، فإن أجابني عليه خلعت عباءتي إليه ، وسلّمت له أمور العشيرة بأسرها .
اجتمعت العشيرة وسأل الشيخ ابنه : ما هي الرجولة يا ولدي ؟ .
قال الشاب : الرجولة أن تكن قويا يهابك الناس والجيران ، وأن تجمع المال والغلمان ، وأن تصطاد الحيتان والغزلان .
هزَّ شيخ القبيلة رأسه،وطلب من ابنه الأصغر أن يجيب عن السؤال ذاته فسأله : ما هي الرجولة يا ولدي ؟ .
أجاب ابنه الأصغر قائلا : الرجولة يا أبي هي : الصبر في الرخا والبلا، وتقوى الله في العلا والخلا، وحسن الخلق مع الله والملا .
خلع والده الشيخ الحكيم عباءته على ابنه الأصغر، وأصبح من لحظتها شيخا للعشيرة .......